تقاسيم
سامر المشعل
يحتل المطرب حسام الرسام مكانة متقدمة من بين نجوم الغناء العراقي، وله جمهور واسع من المستمعين الى صوته في داخل العراق والبلدان التي تتوافر فيها الجالية العراقية،
واستطاع في السنوات الاخيرة ان ينطلق في فضاء الفن ليبلغ مديات بعيدة من الشهرة تلامس مرمى الطموح الشخصي الذي كان ينشده، بفضل الجراْة والاقدام العاليتين في اقتناص الفرصة السانحة للتعبير عن الاحداث الكبرى التي يمر بها العراق فقد كان في طليعة المطربين الذين غنوا للوطن وهو يلثم جراحه النازفة بين انياب وحوش الارهاب الاسود فبادر في غناء " لا تزرع قنبلة بالشارع ازرع وردة" وكذلك كان صوته يتردد في كل شارع عراقي، بل في كل مقام يتواجد فيه العراقيون وهم يتطلعون الى منتخبهم في هز شباك الفرح بعدما علت غمامات الحزن في فضاء الروح فكانت اغنية " العب.. العب يا عراقي هله يابو الغيرة " التي اقدم على تسجيلها في تصفيات امم آسيا ترنيمة الجمهور العراقي قبل وبعد الفوز بالبطولة. وبالاضافة الى الجرأة التي يتمتع وبها والتي نجح في توظيفها لتعزيز نجوميته، يمتلك حنجرة مميزة جعلت صوته يتفرد من بين اقرانه من المطربين فهو صوت رجولي وفيه مساحة واسعة وغلظة وقوة دفع وفضلا عن معرفته الموسيقية فهو صوت مدرب على الوان الغناء...
وبعد النجاح الكبير الذي حققه الرسام فهو مدعو للصمت ومراجعة تجربته الفنية، كيما يحدد هويته الغنائية مستقبلا، فلم تكن كل اختيارات الرسام موفقة، واحيانا يهبط المؤشر الذوقي له ليبلغ مستويات متدنية في مناغات السطحية والسذاجة واستخدام المفردة المنفلتة غير المهذبة والتي لا ترعى الجوانب الاجتماعية والتربوية، منساقا وراء اختيارات الشاعر الذي يجنح نحو المشاكسة والاستفزاز وكسر ايقاع المألوف وان كان على حساب القيم الجمالية والانسانية والاجتماعية، لاسيما ان طائفة كبيرة من شعراء الاغنية لا يمتلكون الوعي والمسؤولية الفنية والاخلاقية في كتابة النص الغنائي، واحد هذه النماذج الغنائية الهابطة هي اغنية " من زعلك من بجاك، انعل ابوه البجاك " وهي اغنية مثلما تظهر في التصوير موجهة للاطفال، فكيف سمح الرسام لنفسه مخاطبة الاطفال بلغة الشتيمة؟
ويخطئ الفنان حسام الرسام والجمهورالذي يحبه ان القصد من وراء هذا الموضوع هو الاساءة له او التقليل من شانه، انما على العكس من ذلك تماما فقد وجدت في صوت الرسام امكانية هائلة في اداء المقام العراقي، فهو ممكن ان يرتقي بالمقام ويرتقي به المقام، اذا التزم هذا اللون الغنائي الصعب، الذي اهمله المطربون الشباب، والذي يعكس التراث العراقي الاصيل، فاتوقع له ان يملأ الفراغ الذي تركه الفنان المرحوم ناظم الغزالي عربيا،لا سيما ان الرسام يتحلى بالصوت الرجولي والجوابات التي تظهر جمالية صوته والمرونة في التنقل بين المقامات وزيادة على ذلك الامكانيات التي يتحلى بها في التصرف والترجيع.. والامر متروك للرسام، فامامه فرصة لاعادة رسم هويته الفنية واحياء الاغاني التراثية والبغدادية التي يحن الناس الى التحليق في ذلك الزمن الجميل المترع بالابداعات الغنائية بما فيها من صدق المشاعر والاحاسيس النبيلة.
صفحة للطباعة
أرسل هذا الخبر لصديق
· البحث في اخبار فنون
· البحث في اخبار جميع الصفحات
--------------------------------------------------------------------------------
أكثر خبر قراءة في فنون:
أشعر بالأسى لأنني أموت قبل أن أقدم كل ما في نفسي